إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

92074

السبت، 8 فبراير 2020

قصائد لا تنتهي : عواصف في قصائد الفرزدق

قصائد لا تنتهي - 5 -عواصفٌ في قصائد الفرزدق !

دعوا الفرزدق
يدخل عليّ
أيّها الحجـابُ
فكّوا عقال الشّعر
إن كان كل ما يقفىّ شعرُ...
حرّروا زنادقة الهتك ،
و ادخلوا عليّ فرز دقا ً ،
يشعل نار الفتنة مجددا ً :
بين ما هو في الكلام متاحٌ
وبين ما هو في الكلام مباحُ ..... !.



تمويــــــــــــــه ....



حين تمور بي جبال الرّغبة ، أوشك أن أعلنها صلاة البداية لقدّاس جنّدتُ له جهابذة الوشم على بياض مُدجّج باقنعة حُبلى بارتعاشات ضوء... ! وهو يحنّ الى ليل بهيم.. أقنعة ٌ أبدّلها كيفما اشاءُ ، أطرد الدّخلاء ، و عديمي الخبرة في الاسترزاق ، و المتطفلين من دود الوخز بأظافر من زندقة اللفظ .. ، أبارك الاقنعة الناعمة عن غيرما خوف ،أو تملّق ، كي تصبح القصيدة حبلى بشموس وفاكهة وزعفران .. فاتحا شرفات السؤال على مصراعيها وعلى كل الاحتمالات . ماكرا : أنصبُ فخاخيّ على ضعاف المعاني و مُعاقي اللفظ ، أكرّس جهدي لإنتظار قد يفجّرُ ضائقة تزلزل أساسات قصيدة : ما تزال رائحة ابو العتاهية و من في فلكه يدور ، تحوم حول اللفظ المدبلج من الأمازيغيّة ، و المعرّب من العربية اليها ... و شكوك تحوم حول مصير قصيدة - أفنيت عليها ذبالة يومي - في مهب المهملات ...أحزم تطلعاتي إلى ظلّ نخلة فارهة ، في عشق امرأة أئن تحت قدميها ، كلما عبرت فراشة أفقا مغبرا بزحام النكسات : إذ النعيّ من غزّة يهدي لعباقرة السلام جثت أطفال كانت ظلالهم تميل الى النصف عندما نبحت في وجوههم جراء ثلمود .. . !!



غزة ...
وياغزة ..
أنت عزة وجود الوجود ...!!
يوم زٌفّت إليك أصابع الصد والنكران .
أنت الآن...
بؤرة العالم ومركزه ...
شاء من شاء...
وأبى من أبى ... !!
وأنت تؤوين من تبقى من نبيذ الباقيات الصالحات ....
وأنا
غزة شبيها :
لم اذعن أبدا - و أنا الغارق في الهزائم إلى الأذنين لبشير كان يدّعي- شغفا- فتحا لم يكن العرب اصحابهُ ... !!
بل انا الضحية ، حين اتيت لماخور اسمه العالمُ ، من ليلة لم تكن بريئة أبدا ، ليلة ساذجة نسجها الماضيان قلبي ، فلن أرضى بالمعرّي أن يوعظني ، وقد مات جائعا من فرط أكله للحوم ضحاياه .... !!



إضــــــــــــــــاءة



حين يمدّ الفجر أظافره لفكّ الليل بضلع الزمن الغارق في موته المؤقت ، يكون الصبح قد انفلق على مدائن ماهي بنائمة وماهي بيقظة .
غيرُه الحديدُ يصهلُ ،
يعزف بانامل لا تبقي و لا تذرُ..
و العصافيرُ ........
أين هي العصافيرُ ؟
و القمرُ...
أين هو القمر ...............,؟
وهو مترنح في لوحة بترولية مضمّخة بالهذيلْ ...
هناك ماء ٌ
هناك سماءٌ
و بين السماء و الماء
ليس الفرق حرف ٌواحد ٌ
هو فرق شاسعٌ .
و شتان بين أن تكون انسانا ً
وبين ان تكون معدلا انسانيا ً .
في اللوحة كل شيء كما رسمته أيادي العابرين في سرعة الضّوء
لكن هناك فرق شاسع ٌ
بين أن ترى الاشياء مشكـّلة على لوحة ،
وبين أن تعبر الشارع الكبير للمدينة ، دون ان تضطرّ إلى قول أي شيء ، أو فعل شيء.... ثم أنت لا تستطيع اصلا ....!
لو كنت دمية من لدائن حقيقية ،
لبشـّرت الدمى بفتح حقيقي على هذا الإنسان .
هذا الإنسان الذي يتقنعنا ...،
انظروا يازميلاتي الدّمى كيف ينبهر الإنسان : الدمية- بفتح لم يكونو- هؤلاءالمغفّلين - بالغيه إلى بشق الأنفس ....؟
لم يكن فتحا أبدا ...
بل كانت :حربا معلنة على الأرض ومن عليها .. من طرف واحد ضدّ طرف واحد : من طرف من عليها على من عليها .! وتعرف الدّمى المعدّلة انسانيا : أن الأرض مُحدثة . و لم يكن الانسان يوما بدون أرض . و لم تكن الأرض يوما بدون انسان . لو لم تكن قصائد الفرزدق يوما،لكان الكل تحت رحمة أنّ ما قد كان كان ، و ما سيكون سيكون ..! فاشرب بحرك ان شئت ، اوامضغ أوابلع غيضك إن شئت . لكن الانسان كان يعلم أن النهاية اتية .. يومها تبقى الأرض غير الأرض .. و السماوات . هو يعلم أنّ جريرا ً و فرزدقا ً ابتدعوا لعبة التماهي مع الاقدار في البناء و الهدم . انا الذي كنتُ ، و انت الذي أصبحتَ ، و لا شيء غير أنّ الطبيعة (الأرض) و الفضاء لم يغزُهما أحد . !
فما بال الدمى تشطح في فناء المسلّمات ؟. ثم ترسي قواعد في الجدّ و الهزل . وهي تعلم أن بين القمر وبين ان يبلغه الانسان ،هو ما بين أن أكون شاعرا يغزل الحرف في آنية من فضة ، وبين أن أكون شاغرا كالقبرالعتيق أحتجّ على ناسك من حفدة أبو نواس ، يخرق أوزان الخليل و يتّبعها برقصة على ايقاع الحداثة .



ضبابيــــــــــــــة ..



كما لو كنت أنا الدّليلُ الى مسرّات المرايا و أنجمها العابثة ، بمساء صلب ، و سواري راسخات على اكتاف الذين ترهقهم سماوات القوانين الصّلصالية ، وأعمدة عليها علامات ، و حرّاس أمن ، كانوا قطاع طرق إلى عهد قريب ......
ولافتات نصبت عبثا قالوا مرّوا من هنا..
أو بربك..
وأنت العارف بمفازات الأرض
أمن هنا مر و يمر الذاهبون و الاتون من غير ما حرج .....؟
هذي المسالك و الدّروب التي تشحذ رغباتي المتجدّدة لغد ورديّ
بظلال وارفة
ممتدة
كظلال الصفصاف .
كلما اشتــُعلت رغبة ٌ من غير ما نار أ ُطفئت .
ولم ادر من؟
من هذا الذي بيده مقاليد نفسي
يدمرني من غير ما رحمة .......؟
انا الذي قتلتني امرأة ٌ
قيّضت
من جذوع رغبتي شياطين يــُلبسني الماردُ لبوس اليوم الأول لئن اطعتُ.... كنت ضحية الذي يتقمّص في سهوي هذا الجسد الفاره في الخطايا ....
و لئن عصيت ُ
كنت الداخل إلى جنــّة لم تكن أبوابها موجودة ابدا !
ولم يكن احد ليشيدها ابدا !
و لم تكن ليدخلها احد ابدا ........!



تمويه يتجـــــــــــــدد



كل صباح أذرع المسافتين بيني وبين نفسي ، و بيني وبين العالم الثمل بكأس من حديد ، معتقة بجرعات من بقايا عظام الجمهورية الاغريقية .. أذرع ُ المسافة شغفا لمعرفة : كيف ياتيني الليل يوما دون ان أسال أو أتساءل ،أو أخِزَ فطرة العالم الناعمة المنقادة في شهوة لطاعة لله ....! وكنت أسْبحُ تارة بلا زورق ، و تارة أكون أنا الدليل إلى مرفإ كل الكلمات فيه بلا معنى ،غير مرادف واحد .. :
إن نصّبت نفسي داعيا له : لم تخل المغازات يوما من كلاب تنبح او معاول مهئياة للهدم السريع ، وكنت أمتــّع ُجرائي بصبر مني إلى ان يبلغ الوخزُ قمّته ، فأنبح أنا بدوري ، و أعوي ذئبا .. و أصرخ ، وأ ُخرج تحت ابطاي ّ قاموس البلاغة النواسية ،حتى تهدأ جراء ثلمود ...
لم أكن يوما عاصيا
من عصاة عاد
أوقساة ثمود
أوعتاة لوط
او شواذ بومبي
او طغاة سبإ
حتى لو أن لي أصبع الشبه بهم ....
كنت إناء َ
تطهي فيه أمي جميع الوجبات اليومية
أمي.........
يا أمي
أنا الآن بين نار وهــّاجة وبين ريح عاصفة تتحرّى العصف به
وريح تقيم متاريس بيني وبينك أمي .....
.لماذا أمي...؟ :
كل هذا العراء وهذا الخلاء الممتد يبن ايد شاحبة تشحذ لمس يديك وبين هذاالجسد الملائكي مذ كويت بنار البعد عنك
وهل قلت يوما ضرورة ان أتحرى رائحة القلب حين تضيق به المسافات كي ألوك لأمي عذرالنزوح الى غياهب اجتثــّث عمدا ذكرأمي من يوميات يقظتي .....؟
انا من غرّتني الفضاءات العاهرة ، فانجذبت سهوا حتى دكــّتني المفازات ُ بمياسيمها وسوّتني بالأرض أرض مفاتن غوايتها ..!
وحكيتُ للقاصي و الداني كل الحروب التي لم أكن منتصرا فيها ، و لم أكن لأنهزم من حروب كنت أنا الذي أشعلتها في ميادين أوهامي ، او على بياض ازوّده بسلاح القبض على جمر اللــّعبة إلى أقصى النزع ....
لم أكن تعلـّمت أبجدية الحروب إلا ّمن مذكرات وطني ..
الذي كلما أخذته حمّى حرب ، كنتُ أنا الذي أهرعُ بحثا عن نفسي بين قتلاه ..! وكلما انتهت حربٌ تليها حرب ٌ، و بين موتي و موت ٌ يليه ، تصحودمى الحياة يلبسون جلباب المساجد تحته لاشيء غير البحث عن حبوب الهلوسة التي تباع عند اعتاب المساجد ..! و الإمام الذي يخطب يوم الجمعة كشفوا له عن خطـّة لهروب مشرّف ، اذا دعت الضرورة لذلك ...! وكنت الخطيب حين أمروني بالصعود إلى المنبر بفمي فقط ! و عينين مجرّدتين من دمع محتمل وقلب نسائيّ وعقل أخذوه مني حتىّ انتهاء الصلاة ، ثم ّاعادوه بعدما عدّلوه جينيا ..!



فاصل افتراضــــــــــــي



لم يكن الشعر
يوما
يارُقـيّة ُ
صدر عاشقة
أهرعُ اليه من عواصف
أو اعوذ به من نوازل
فاجأتني ذات قصيدة ... !



لم يكن الشعر
يامريم ُ
حضن أمي
حين تهدهدني
وتمسح دمعي
كلما صفعني الدهر
او غشاني القفرُ
ذات مصيبة ... !



لم يكن
يافاطمة الزهراء
غير
أمرّ الأمرّين معا ....!



وقد كنتُ
يا أحمد -
الأتي يوما
في عمـّارية الشعر-1
أصارع الرعشة
وهي تميد بي
رجفة نملية
تختزل مخاض
الكتابة
من أصابع يدي
إلى رفـّة تشتعل في رموشي
وأنا اشحذ ُ -
وأعضائي شمع ٌ
تذوبُ
في لهيب الحروف -
ربـّة اللفظ
بينما تأتي الكلماتُ
أقصى الانتظار يابسة ً...... !



ثمّ أعيد الكرة ثانية
وأنا الشاعر المتعود
عصيان الحرف
أشحذ اعصابي الشـّمعية
لانتحار أخير...
أقتحم العبارة من الأبواب الخلفية
ومن كل باب
بنفس طويل
فأفتقد نفسي في لهيب المعاني
وبين سهوم ووجوم
اتفقد بائع السجائر
علّ رائحة التبغ
تهديني خيط الوصل
وأطل في مرآة
قهوتي الباردة
فلا ارى غير يد يابسة
وابتسامة جافة
للنادل
فتنتفض فيّ
كلاب الحانات على حين غرة
لكن عبارة زائغة
قد تمر فجأة في أفق نخبي
فأعلنُ انتهاء حرب
لم تكن المواجهة فيها
الا بيني و بيني ...!




من الكلمات
من يخلصن لي عن ود ..



من الكلمات
من يعفنني ...!



وكلمات تمردن علي...



وقصائد انكرت علي
دمي ،
ونزع المخاضات
عندما يتشكل جنين الزوبعة
في رحم الكأس....!



اي حزن كان يمكن
ان اتحمله
حين تجافيني القصائد .... ؟؟؟!



فأذرع ُقلبي جيئة وذهابا
أشحذ شربة كلمات ...
او لقمة معان ...
شاردة في افق افتراضي
تتوجسه خفقات قلبي
برغبة جامحة ....!



كان عليّ
أن أمضي شغفا
لوحي يرأف برفيف روح
يتوق عناق لحظة
كانت رقما.. ،
قد لا تعاد كتابتـُه ثانية ...



كان عليّ أن أمضي فزعا
من حجر يتساقط عليّ كاللـّكمات ...
كان عليّ
أن أحزم ظمئي
الى قافية عطشى
منذورة لجولة
دفعت كل أسهمي
لربحها في بورصة الكلمات ...!!!



فوضى النهــايــة



يا فرزدق
أيها المتحايل
و المحتال عمدا
على خزائن اللغة
وعفة الكلمات
قل لي
أما تقوله وجرير شعر ...؟
قل لي ما تفعله
يا جرير
إن ظللت تستحلف زبانية الإلهام على فكرة زاغت عنك وآنت تقلم أظافر عازفة
العود وناي العشق على مخمصة على شط نهر ياجريرُ ..؟
الم يكن الشعر
استدراجا لشهوات غير البطن ....؟
وشهوات تكن المواقع الاليكترونية اواصر به لا حبا فبك يا جرير ُ
ولكن حبا في شيء انت لم تكن بعد راشد لتبلغ كنهه يا جرير ُ ...
انه النفط يا جرير ُ
انه النفط الذي خصصت له القواميس جانبا من مجالها البياضيّ ، لشرحه وتبيان تماهيه
انه النفط الذي إعرابه واحد ...
النفط: عربي المبنى واجنبيّ المنفى
ولك يكن أبدا معربا...
ترفعه رافعات الغرب
وينصبه نصّابوا الغرب
ويُجرّ ويصبّ في احتياطيات الغرب ....!!!!
وأنت يا فرزدق ، وثلة من مرتزقة الكذب والزندقة :تهيمون في واد حتى جرفتكم الأماني... وغيركم في أبحر ، وفي سماوات لا تتلى فيها القصائدُ ..... !!!



وأنت يا موت
ماذا سأخسر
إن عشت طويلا بلا هوية ؟؟
او فاجأتني بغتة
ولم يطعمني الدهر بعد
سر ثدييه العلقمين ...؟
أو يشحذ في ّرغبة الاستنجاد بك
يا موت ُ ؟
في غزة تروح وتغدو كما تشتهي
يا موتُ ...
بينما جراء ثلمود يموتون مرتين
بشكل مختلف
ياموتُ .....!!!
أو تدري يافرزق
كيف يموت الانسان بشكل مختلف
و الدمى لاتحيا ولاتموت ...؟؟



في عهدك يا فرزدق
كان كل شيء حولك جميل ، إلا ّجريرُ ....!
ولو كنتما حيـّيـن ما استطعتما إلاّان تواجها
قبح هذا العالم وما فيه......!!!



خلــّو بيني وبين شعري
إذ العواصف تجتاح قارعة نفسي،و أنا ألملم
بقايا نفسي لاحتضار طويل ....
أنازل وحشة العبور الى مرفإ حلمي ، فتحتشد عليّ الباقيات القاسيات ، كسهام الوشم على جسد يتحيّنه الندى الصيفيّ ، و القصائد تكاد من شدة حرصي على ان ازوجهن الى أول قارع باب فوضى اللّفظ ..وقلبي من شدة ولعي بالحرف : وهن تارة وتارة هو قلبي وليس لي غيره كي أوزعه بين زوجتي وعاشقات الفايسبوك يقلن ماشئن ، ويكتمن عليّ ما شئتُ ...!
وانا المدركُ ان الحب عصي على من قلبه مهدى للقصائد ....



كيف بي اقبض على مسلك السائرين الى مرفإ لا شعر فيه لا اسئلة فيه لا وجع الكتابة فيه ....؟
لا قصائد.... ؟
كلما احببت...،
العاشقين للشعر تعلقت بالخيط الواصل الى جنة عاد في الربع الخالي كلما اذعنت
لقلبي كلما لاح غبش الفجر كالسراب,
الى اين ادن يستدرجني
هذا الشعر الذي يبدا غيما و ينتهي غيما ..؟
و بين الغيم و الغيم وهج الصعود الى فردوس ابتنيته على قارعة الشعر ذات قصيدة .... !!
لو ان القصائد منقدتي ، لقدمت نفسي قرابين للشعر، و لجعلت ابي فراس مثـَلي وقبلتي و صلواتي ....!
من ذا يقول ان الشعر الفة بين القلب والروح ؟ تزدرد غصة عالقة بين معنى
الحياة في زندقة أبي نواس و نسك ابي العتاهية .....؟
و الحديد دائما هو الحديد ...
و المدائن تذوب كالشمع
رغم ان
الحديد يبقى هو الحديدُ ....
و القلوب غزاها الحديدُ ...
و عقول غزاها النفطُ ...
و افئدة صحّرها القحط ُ
فكيف أؤول الى رشدي الذهبيّ
حين يكون في وسعي ان آمل
فلم يبقى لي املٌ
دعني إذن ....
دعني يا فرزدق
اكتب قصائد لا تنتهي ابدا ...... !!!!!

قصائد لا تنتهي " حروب داخلية

لو أنّ لي بالمدينةِ
قوَّة ً
لأزهقتُ
الإسمنتَ
والإسفلتَ
والمعادنَ
ولبوّأتُ الفرزدقَ
عرْش البلديَّهْ
---------
تصوّر معي
أعبثُ العابثين
الشّعراءُ !
يكنسون الظّلام َ
في قصائد َ
لايكتبونها
إلا ّ ليلا !!ً
---------
تصوّر معي
ضوءا خافتا ً
عانيت َحتّى
اقتبستـَه ُ
ثمّ لمّا اقتبستـَه ُ
يفاجئك
صنمُ
مصباحُ الشّارع ِ
بسخريّته القاتله ْ !!
--------
تصوّر معي
ريحــا ً
سادية ً
تسيحُ
في مدُنـكَ
تعبثُ
بأحلامك َ
وتشذ ّبُ
منْ غير ما رحمة ٍ
جراحك النّازفه ْ !!



جـراح الـبـدايـة




قد لا تتصوّر ُ : .....
كلّ تلك المتاريسِ الّتي كلّما سقت نفسي إلى مرتعها الخصب ،قيّضتْ في صباحات نفسي جبهاتها الفولاذية ،وصدّت نفسي بكبريائها البوشية ، حتّى لا تبوء ببعض ٍمن فـُسح ٍمهملة ٍمُنساقةٍ للرّيح ، عصيّة على القبض .. ثمّ كيف.. ؟ و أنا لا أُطيقُ رؤية هذا المدى الأرجوانيِّ يذ ْبُلُ تحت شمس الظّهيرة الزّاحفة على آصال العمر ، المترنّحة تحت وابل من رصاص الشّيخوخة المبكّرة ، دون أنْ أمدّ يدا ًلنجدة نفـْسي من حروبٍ توقدها نفـْسي في رحاب نفـْسي .... !!!
أيُّ جريمةٍ كنتُ أنا الجاني فيها ولم أكن شاهدا ًحتّى؟ بل كنت أنا الحامي لربوعها الرّبيعية حتّى شاخت ذاكرتي.. فلم أحتمل تذكُّـرَ كيف اغتصبت الطّيورُالجارحة فواكهها ؟ كيف هتكتِ الثّعالبُ عِرْضَ حَصادٍ كنتُ أنتظرهُ مذْ كُنْتُ أُقلّمُ أظافرَ الغوايةِ بانتظام ٍ، حتّى كدتُ الآن أُدركُ سرّ وجود الطّفيليّات في شوارع نفسي الّتي غزاها الجراد ُ الآتي من غياهب النّكسات فاقتلع المصابيح الرّخامية وهشّم نوافذ الطّوابق العـُليا لسكنى نفسي ...!!!
بين جحيم وزمهرير المرايا ، أتدحرجُ بين المسافتين ، وأنا أمارسُ لعبة َالمدافع المقاتل إلى آخر قطرة وجود ، مدافعا ً عن شمع نفسي الّذي يتآكلُ ، وصرحٌ لجسدٍ لم يبق منهُ إلا ّ قشور ٌلظلال ذابلة ٍ، أتوكّأُ عادة ًعلى جحود بعض زنادقة اللّغو، وأتحرّى سخافات بعض عراة الهامش ، والظّروف القابلة للإختراق : علـّيَ أن أبني ملفـّا ً جاهزا ًلأُقيم دعوى على نفسي ، وأنا أُواجهُ مصيرا ًغامضاً
لقضيّة لم يكن الشّهود فيها إلاّ نفسي ضدّ نفسي....!!!
أيّ المجرمين هم الطّلقاء ُ ؟!
كان حريّاً بي أن أُفاجئهم بعناصر الإثبات قبل أن يتخثر دم نفسي في مسرح الجريمة !
كان عليّ أن أمضي قدُما إلى أبعد نقطة في ذاكرة منذورة للنّسيان كي أنفض الغبارعن سرّ دمارٍ لم تترك المعاولُ فيه غير بصمات ٍلا تُغني في الملف شيئا ً!
كان عليّ أن أُقاضي جميع حواسّ هذه النّفس الفاتنة في الخطايا، كي أثبت أنّني بريء من خراب ٍأحدثتها حروب نفسي على نفسي .....!
-----------------
عندما كان قلبي طريّاً، كانت العصافير تسبحُ في مدىً أرجوانيٍّ ، منتهى طراوتها وغباوتها معا ً. كانت الثعالب ُحاضرةً كما لم تكن أبداً ،كان جسدي مفعما ًبالصّهيل. فاستعير منّي قلبي الطريّ دون أن أعي ، حيث خنّاسوا التّجارب العائدين لتوّهم من قمامة الجامعات يتربّصون بباهتي الهوّيات وعديميها والّذين لفظتهم أرحام بلا عناوين أوبعناوين غير معروفة ،أو النّازعين ثياب الحياة كلّ يوم كما يقشّر البرتقالُ ! أستعيرَ منّي قلبي سهوا ًلمختبر كان يجري عمليات زرع المفاهيم الجديدة ، والقديمة المعدّلة في أبهاء مراحيض الإشتراكية والرّأسمالية الواردتين إلينا مصنّفة على المقاس ،ابتدعها مجانين العصر من فلاسفة الفوضى ولعّاني العالم ومهندسي التّوقّعات وهيستيريا الطّبخات الّتي تحضّرفي حانات باريس وموسكو ، ومفاهيم من صيحات الموضة السّاذجة الّتي تناسلت من زواج الأزهر ببعض جامعات البلدان المبجّلة للشّيطان ، وهوس بعض المتيّمين بالشّمس المشرقة فجأة من مغربها والعائدين للتّوّ من أحلام يقظة وحروب خاسرة وشيكة ، بينما المتبدبون الرّافعون لراية الحلّ الوحيد ، والّذين يحرّضون الماضي على الحاضر ، ومَنْ غيرَ أبُ ليلى يعرف ما نيّة قيسٍ ، وهو يدرك أنّ قيسا ماجاء يطلب نارا ً : إنّما جاء يشعل أخرى ...!! . ولم يجد المهندسون بدّا ًبعد خسارة تجربتهم على قلبي الطّري من مواجهتي بقلوبهم الحجريّة: " لم تكن أبدا ًحتّى تحاسبنا بما لم تكنه ُ!!!"
عبثاً تقام ُالمهرجاناتُ وأفراحٌ ، وزغاريدُ من كلّ نساء الأحياء الشّعبية وفلاّحي الصّبّار، وصائدي سمك السّلمون في مستنقعات أحدثتها فيضانات من مطر المحسوبية والزبونية وكلّ روائع السّلوك الحجريّ : يتبجّحون بنصرٍ لم يكونوا ْ قد تحقّقوا بعد ُ من محرزه ِ!! أكنتُ أنا ؟ أم كانت نفسي الّتي غابت عن أدوار الرّيادة مُذ ْكانت عمليات القسمة الأقليدية وحساب الحتميات وأكاذيب إحتمالات إينشتاين،لا يستطيع فصلها عن هرطقات منظّري القرن الرّابع والخامس ، وقواعد اللّغة المتشبّتة بعذريّتها الغارقة في نشوة تصدّرها لاهتمامات صناع الحدث في وقته ، ومذ كان عتاة الرّياضيات في زمن التّعايش والوفاء بين قِبلة الصّلوات ، وقِبلة النّزوات العقلية ، ومذ فتح أباطرة مخدّرات المنطق والعلوم البحتة : الطريق معبّدة ً بين أثينا وبغداد ، مُذ ْكانوا يرسمون مثلّثا بأضلع متقايسة ٍ ثمّ يختبئون في زاوية من زواياه ُ، ينتهزون فرص جهل السّلطات بثعبانية الحدّ الفاصل فيتملّقون الكتب الباريسيّة من "بورداس" و"سيساك" و "فوييبير" يبعثون إلى الإخوان المسلمين برسائل مشفّرة ، كنت أنا اللّذي أفكّك محتواها وكنتُ غير منبهر: ٍكما الدّمى الممسوسة بعظمة الدّمار الّذي أصاب الوعي الكونيّ ، إذ يتبيّن لي بوضوح كيف أنّ عمليّة ترويج جريدة " الله أكبر "غير مرخّص لها مقابل خمسة دراهم لا تعدوا أن تكون إلاّ حلا ًّلمسألة ٍجبريّة يعرف حلّها حتى رعاة الشّياه البليدين ..!!!
---------
تصوّر معي
في مدن نفسي :
عمّال البناء
الّذين كلّفوا
بترميم
قلعة نفسي ،
وقفوا ْ
عاجزين ،
صاغرين
أمام عظمة
وجلال
الخراب
الّذي طال
أساسات نفسي ...!!!
------------
تصوّر معي
في مدن نفسي
تموتُ نفسي
مرّتين
بين لحظة ٍوأخرى
حتّى أمكنني ،
سحبُ
عقدي الوفاة والميلاد
في أقرب مكتب معنيّ
في آن ٍواحد ٍ....!!!!
--------------
تصوّر معي
في مدن نفسي ،
مصابيح الشّوارع
لا تطفأ ُإلاّ ليلا ً
حتّى تهيم َ
النّفسُ
مااستطاعتْ
في ظلام المتعة
تحرسها كلابُ العناد ِ
من قطّاع طرق الفضيلة
ومرتزقة الضّمير !!!!
---------------
تصوّر معي
بمدن نفسي ،
بلديّات ٌ
يتناوبُ على رئاستها
في اليوم الواحد
أحزابُ
اليمين ِ
واليسار
والوسط
ولاانتماء لهم
يتباهون في جرائدهم الرّسميّة
بمنجزاتهم اليوميّة
في مدينة
لا يذرعُ شوارعها
إلاّ بقايا نفسي ...!!!!



حدائق البدايات
هل تعود المساءاتُ ، تروي صخب الذّكريات المتوّجة بأكاليل الفضاعات الصّغيرة الغائرة في نشيد البطولات ،يرفع شعارها شيوخ السّبعينيات والثّمانينيات ، وقد كانت أوهاما ًفتكسّرت أمواجهاعلى صخور الحقيقة ، وكانت عبثاً ينضاف بجدارة ٍإلى واقع ٍعبثيٍّ ، شيّدهُ أصحابُ القبّعاتِ المستوردة ، ِمن حمقى الجيل الخامس والسّادس ومنظّري نهاية العالم ، والمبشّرين بأَمْرَكَتِه ِ، ونحن الّذين زُفّ إلينا نعيُ الحدّ الفاصل بين عالم الرّخام وعالم المعدن والبترول ، ونحن قوّاد الجامعات الأشباح حملنا على عاتقنا شعار البعث من رماد العثمانيين وخونة بيع الأرض بدبلجة الأفلام المكسيكية النّاطقة ظلما بالعربية، الّذين سقطوا فورا ًبعد لعبة التّنوير ، الّتي روّج لها بعض صعاليك المهجر السيّئ السّمعة . لعبة ٌ ستتكرّرُكلّما رأى زبانية نهاية العالم و اللّعنة عليه أنّ البعث سيسقط فوراً على مسمّاهُ .. معشر المبشّرين بغد لامع كنا جيفا ًمن التّقدّميين نحمل خردة أسيادنا الثّلجيين ، نشعل ُحروباً في رحاب الجامعات لم نفقه أبدا ًماحيك في كواليس المؤامرة ، الّتي مازالت تُؤسّسُ لرفاهية عالم الدّمى . وكان المناضلون والثّوّار يرفعون شعارات بهلوانية تثير شفقة اللّصوص الكبار، لما فيها من فرق واضح بين أن تكون مناضلا ًوبين أن تكون سمسارا ًبليدا ً. وكنّا ثانويون وجامعيون جنوداً مجنّدة تتقادفنا أدقّ التّعابيرالمستوحاة من شطحات لينين حين يعبث ُبرأسه نبيذ ُ البحر الأسود ......!!!!
هلمّ يا إبراهيمُ ،نستعرضُ معا ًأمجاد وهمٍ كنّا بنيناهُ على طول المسافة الممتدّة بين زمنين : زمنٌ كان رهينتنا وزمنٌ أضحى جابيا ًعلينا ، أنهكتنا ملامحه ُالّتي ما يئسنا ننحتها ،حتّى إذا انتهينا من وضع اللّمسات على لوحة ِالمشهد الأخير ِ، كانت اللّعناتُ فواكهَ نقطفها مشتهاة ..!كنتُ أنا سكّيرالشّعرأبحثُ عنْ هيئةٍ أخيرةٍ لقصيدةٍ عصيّةٍ على التّشكيل ، في وقت ٍمتأخّرٍمن خريف هائجٍ رحلت الطّيورتبحث عن مكان آمن لأعشاشها المستقبليّة ... وكنت أنت يا إبراهيم ُتعبّئ الطـُّلاب في حرم الجامعة ِبشعارات ٍمدفوعة ِالأجر من حمقى صنّاع الوهم ، كلّما أثخنكَ شعارٌحماسا ً، عدّلت قبّعتك المستوردة َ، وأشهرت صدرك الطّريّ في وجه بنادق موجّهة ، يحملها رجال التّدخّل السّريع ِ: يدمعونَ صادقينَ أنْ ينتهي بهم اليومُ العشرونَ من إضراب الطّلبة ِعائدين إلى زوجاتهم الحديثة العهد بهم ْ،دون انهزام خبزهم اليوميّ ، أونصر ٍساذج ٍقد لا يستطيعون أن يحكوا يوميّاته لحفدتهم ، كنيشن يربت بنعومة على أكتاف شيخوختهم ْ المنتظرة !! أوهام ٌتشيخُ فتعاد صياغتها ، زعماء لامعي ربطات العنق ينتخبون مكان المنتهية صلاحيتهُم ، والجبلُ الرّاعي لمصالح صخوره الوفيّة ِ يعرفُ جيّدا ً أين تؤكل الكتف ُالمطبوخة ُفي أفران الفصائل المتناحرة ِعلى بيضةٍ مسلوقةٍ ؟ نزع ابن ءآوى على حين غرّة مُحّـَها. في حين ٍيدرك الّذين يمتهنون العصا أنّ أخذها من الوسط ليس دائما بالحلّ الأنسب .... !!! المطالب هي المطالبُ والهراواتُ هي السّميعة ياإبراهيمُ !!!
من يكون قد أستجدّ في قاموس المجانين ؟ دون أن نكون نحنُ يا إبراهيمُ أوّلُ من يهلّل ُ له ُ، من يتشبّتُ به ، من يدعوا له ُ من يحرّضُ له ُ، ثمّ فجأةً نحرّضُ عليه................ ِ!!!
من لنين ، ماوتسي ، تشي غيفارا ، عبد النّاصر ،بوب مارلي ،مايكِلات بالجملة ، بريسلي ، فاندام ، وآلهة العصر كثيرين محلّيين ، منهم من قضى وآخرون....... !!!
هانتذا ياإبراهيمُ
ثكلتك المنابرُ
عافتك المحابرُ
دمّرتكَ المخافرُ
ودهستكَ الحوافرُ
واشتهتك المقابرُ !!!



استراحـة خـلـيـلـيّـة



يكون عصيّا عليّ الولوجُ إلى ظُللٍ من غموض البداية ِحين تروّضني جمراتُ الحنين ِ، وشوق ٍتجَمهَرَ في صدغ أقبية ٍتتآكلُ من صدإ الإنتظار ِ، أُعرّي وجوه المرايا وأسحق تحت إبطيَّ جميع المكابحِ، فرداً :أُساقُ بأقصر سرعة دفئي إلى منتدىً تتوزّعُ فيه الأصابعُ شبه توائمَ وكلّ الحجيج أمامي عراةٌ ، وكلّ التّـُقاةِ أمامي عُصاةٌ ،ولن تتجرّأ عيني بكبح الحقيقةِ حين يكونُ منَ الصّعب ِأن تتعامد في عُزلة ٍوشقاق ٍمع الشّمس ِ، ذاك إذا ً منتهىً تتورّم ُفيه أصابع ُروحي ، فأعْبُرُ في غفلةِ ِالواهمين َلصُبح ٍسيأتي ببدر ٍوشمس ٍ، وقيءُ المعادن ِ يُزهرُ ما لم أُكلّلْ شُموخَ الضّمير بنيشن صَحْوٍ تُعزّزُهُ وقفة ٌ يتشدّق ُأخمَصُها بتفان ِالعظام مَع اللّحْم فوراً ِوسُمْكِ العُرى بين هذا الّذي خاض في جبهتين حُرُوباً فأدركه ُالشّعرُ ، حين تغارُ القصائد ُمن جسدٍ كرّسَ العُمرَ في نَظـْمِ قافية ٍغازلتها المراثي على دُفعتين ِ، وقد حرّضته البدايات ُكيْْ يتقوقعَ ، يصرخ َ، يعْوي ،يبجّلَ ريحاً ستعْصف ُحتما ً- وقدْ عصفت ْ- برُخام ِالبقايا وأعمدة ٍشيّدتها المرايا شموخا ًعلى خزف الحتميّات ِتُهشّمُ مُنسفة ًصخباً يتعرّى ويسكن روضة بُؤْس ِ الهوامش ِيبقي على ثعلب ٍورصاص ٍوسوط ٍ، يخلّد سلطته ُالأبديّة َ،يبطشُ في شغف ٍلدماء الظّلال ِويمعن ُفي شغب ٍتتناقله ُالعابراتُ لبهْوِ المحيط ِوتعلنهُ القنواتُ الرّقيبة ُبدءا ًبفصل ٍجديد ٍيؤسّس حتما ً لشخصنة ٍمستدامه ْ .... !!!
لنُزهة من ْ ؟
كلّ هذا النّشيج ُ
ومن أتوسّل ُ
ومن أشكو في وهَـن ِ اليائسين
جدا صولجانه ؟
يرحم ُشعري
ويُبقي على نَفـَس
أتكبّدُه ُإلى آخر الشّوْطِ
كي لا أبدّد حُلمي
بأبخس ِوهم ٍ
يباع ُجهارا ٍ
على حافة ِالأرصفه ْ !!!
--------
جدير ٌبنا
أن نقيم الولائم جهرا ً
على شرف الإنهيار الأخير ِ
ويجدُرُ بالشّعر ْ
بالقصائد ِ
أنْ تتنحّى
وترحلَ
كي يتسنّى لهذا الجمود الطّويلْ
مقارعة الكأس
كأس الضّروره ْ !!!
----------
رويدا ًتغيبُ شموس الظّهيرة ِ، حين ترفرف ُفوق َجراح ِالصّبايا ، عمائم ُيخت ٍأتى من بعيد ٍبخُبز ٍوماء ٍ... فتاة ٌلنا كبّدت ْقبل عام ٍبقايا دماء العروبة ، ِونحن ُعلى وترالعشق نُحيي ليال توسّد أطولُها ساريات الأغاني ،على شرف الدّم دم الشّهيد!!!
----------
أسوق عجافَ الحروف ِإلى واحة ٍ يتجمهر ُ فيها حطام ُ المعاني ، فتَعجنُني المحدثات المُبْدَعات ُ، وتُطبخُني الشّبُهاتُ ، فأذرعُ سوق الرّذائل ِ، أبحث ُعن شظَف اللّفظِ ، أُزجي سحاب َالحروف ِإلى رَفَـَهٍ يستظلّ ُبعري القصائد ، أُبحرُفي شغب الموج ِ، في زورق يتقاذفه ُطميُ مرثية ٍشيّدتْ من عظامي معبرها الوعرَ... !!! منذُ سقوط الأغاني توّجْتُ بأوسمةٍ تتخندقُ فيَّ فيافي المتاهة ِشبراً فشبرا ً، تيها ً فتيها ً.!
هنا مذبح الشّعراءِ ِ!!!
هنا مسرى كلّ الوفود الّتي عبرت ْقبل أنْ يستردّ الصّباح ُالثّخين ُتمسّكه ُبانبثاق الأشعّه ْ !!!
هنا مشهد ٌلعبور الأهلـّــه ْ !!!
وينضُجُ في معْصمي خاتم ٌسبكتْهُ الأيادي الّتي شيّدت في عزوف ِالمرايا فلسطين َكاملة ً ...
والّذي اغتصبَ الشّام يوم كُسرنا ، يدْركُ أنّهُ يحرسُ هجْعتنا قبل أن يتولّد فيناوليد ٌأوِابنَ وليد..ٍ!!!
----------
كلّ هات الجراح
وهذي النّدوب
ستبقى غيوما
أظلّ أُطاردُها
في قصائد لا تنتهي أبدا ً... !!!

الجمعة، 6 سبتمبر 2019

ومضة عشق هاربة



كَما كأْسي التي 

لنْ يشرْب منها أحدٌ 

ولنْ يدْنو من 

أريج نكهتها أحدٌ 

حبيبتي جسدٌ 

لن يطأهُ أحدٌ 

شفتاها متبثّتان 

إلى فمي 

ساقاها أرجوحتان ِ 

معلّق أنا 

عليهما أبد الدّهر 

حبيبتي ليْستْ 

قصيدةً أكتبها 

ثمّ أتركها تنشر فتنتها 

على كراسي المقاهي 

هي وإن قلتُ جسداً 

هي عبقٌ 

هي إكسيرٌ 

ُأعانقه ُ 

ضدّا على 

ٍحياة
هي 
اللاحياةُ

قصة واقعية رهيبة : تلاميذ في طاطا قضوا في غرق حافلة سنة 1979


.. أواخر سبعينيات القرن الماضي كان على التّلاميذ الحاصلين على شهادة الثّانوي الإعدادي أي النّاجحين في امتحان نهائي السّنة الرّابعة ثانوي في طاطا وفي نواحيها ، كان عليهم حزم أمتعتهم والسّفر إلى مدينة تارودانت للتّسجيل ومتابعة ماتبقى من الطّور الثّانوي إلى غاية البكالوريا وحجز أمكنتهم في إحدى داخليّات المدينة . نهار الثّامن من شتنبر سنة تسع وسبعين وتسع مائة وألف حجز بعض تلاميذ طاطا بطاقات سفرهم على متن حافلة ساطاس . الحافلة التّي تنطلق في الخامسة والنّصف صباحا كان عليها أن تقطع طريقا دائريّة في اتّجاه شمال المركز مرورا بدوار تغرمت ودور أكادير الهناء ثمّ دوار أيت ياسين نحو مدينة تارودانت عبر إيسافن وإغرم في طريق غير معبّدة قد تستغرق الرّحلة بين النّقطتين إثنا عشر ساعة على طول مائتا كيلو متر فقط ..كانوا شبابا في ريعان ربيعهم ؛ وكانوا بلا شكّ قد قضوا ليلتهم الأخيرة في أحلام ورديّة عن مدينة جميلة تاريخيّة  ستحتضنهم بعد يوم فقط قبل أن تداعبهم أحلام عن المستقبل القريب هو كذلك ؛ بلا شكّ كان الفتية يحلمون بوظيفة في مقبل الأيّام يتمكّنون بواسطتها من الظّفر بزوجة والإستقرار في عشّ عائلة يكونون هم من يدبّرون أمر بناء صرحها . لم تكن أبدا احلام شباب طاطا وهي البلدة النّائية عن مركز الوطن بمئات الكيلو مترات تتطلّع إلى سقف أكبر من ذلك ولكنّ القدر بالمرصاد لهذه الثّلّة الّتي استطاعت بعد جهد جهيد أن تجتاز عقبة امتحان الشّهادة الإبتدائية ثمّ بعد ثلاثة أعوام هاهي تحقّق المهمّ شهادة الرّابعة ثانوي ثمّ الأهمّ بعد ثلاثة أعوام أخرى البكالوريا ومن بعد هذه الشّهادة الأخيرة تنفتح أبواب التّوظيف . وكانت وظائف من قبيل " معلّم " ، " ممرّض " ، دركي " وحتّى أستاذ في متناول الحاصلين على شهادة البكالوريا آنذاك . و فتية طاطا لا يطمعون في أكثر من ذلك لفقر عوائلهم الشّديد وعدم استطاعة أولياء أمورهم إمدادهم بأموال تمكّنهم من ارتقاء الوظائف السّامية المحسوبة على النّخبة في المجتمع المغربي ، والّتي أوصدت أبوابها إلى حدّ ما أمام الصّاعدين المحسوبين على المغرب العميق .. بلا شك كانت أمّهات وكان آباء هؤلاء الفتية المتأهّبين للسّفر إلى مدينة تارودانت كلّهم راضون على أبنائهم وهم على وشك أن يروا أبناءهم رجال الغد يرصدون فيهم طموحات وآمالا لم تكن الفرصة قد أتيحت لهم في زمانهم الّذي ولّى كي يبلغوها ، كان الّذي زرعوه قد أوشك على الحصاد .!.... لم يكد الخيط الأبيض من الفجر يلج في سمّ خياط الخيط الأسود ليوم التّاسع من الشّهر التّاسع في العام الأخير من عقد السّبعينات من القرن الماضي حتّى انطلقت حافلة ساطاس من ساحة المسيرة الخضراء . ولأنّها من حافلات الطّراز القديم فإنّ سائقها غير مستعجل . السّائق الرّجل المعروف ب" القرع " (واسمه الشّخصي "العربي") لعدم وجود ايّة زغبة شعر على أمّ  رأسه ، ربّما في عقده الخمسين معروف عنه تدخينه باستمرار لغليون محشوّ بالكيف أو ما يسمّى دارجيّا بالسّبسي ومتميّز بأريحيّته الدّائمة المبالغ فيها أحيانا ونرفزته الفجائية عندما يستفزّ عمدا . ببنيته النّحيلة وسحنته البيضاء المائلة للحمرة لم أشاهده شخصيّا إلاّ من وراء مقود حافلة طاطا – إيسافن – تارودانت . كان يرافقه مساعد لم أعرف عنه شيئا . هذا الأخير هو من يوقد محرّك الحافلة نصف ساعة أو أكثر قبل قدوم السّائق للإنطلاق بها من ساحة المسيرة الخضراء في اتّجاه سهل سوس وهو من يمنح التذاكر للمسافرين ، هو من يرتّب أمتعتهم داخل صنادق الحافلة الجانبية أو في أعلاها .. الحافلة تجتاز الطّريق الغير المعبّدة آنذاك من المركز باتّجاه أكادير الهناء مرورا بدوار تيغرمت .. كانت الحالة الجويّة مضطربة طوال الليلة تلك ، الرّعد يهدر طوال اللّيل والبروق ما تفتأ تتوقّف على مدار ليلة كنّا نحسب أنّ أمطارا غزيرة لا بدّ وأن توشك على الهطول ، لكنّ شيئا لم يقع إلاّ من زخّات متفرّقة بلحظات زمنيّة ما أمكن من تشكيل برك مائية هنا وهناك دون أن تروي ظمأ التّربة العطشى لأريج المطر منذ شهور. في الوادي الّذي يفصل دوار أكادير الهناء بدوار تيغرمت وفي النّقطة الّتي كان على الحافلة اجتيازها لبلوغ الضّفّة الغربية تجمّع ماء غزير فتحوّلت إلى بركة ماء عميقة شيئا ما . في غبش الفجر لم تكن الأمور واضحة بالنّسبة للسّائق ، الطّريق تبدو أمامه على الأرجح كنفق مظلم نظرا لضعف أضواء الحافلة الخردة والّتي لا توضّح أبعاد الطّريق بدقّة كافية ، ربّما السّائق كان قد استفاق بعد نوم ثقيل أو لم يكمل بعد رقدة كافية لإزالة عياء اليوم الفائت ؛ السّائق الأصلع النّحيل البنية لم يتردّد بلا شكّ في تعبئة غليونه من الكيف حتّى يتمكّن من فتح أبواب يوم جديد بحيويّته المعتادة .. غاصت عجلتا الحافلة الخلفيتان في ضويطة المستنقع المائي فجأة ؛ لكنّ السّائق لم يبال فزاد من سرعة الدّفع إلى الأمام ماجعل الحافلة تغوص في الوحل الطّيني أكثر فأكثر حتّى استحال إخراجها نهائيا . أمر السّائق الرّكّاب أن ينتظروا حتّى مجيء العون من المركز إمّا بالبقاء في جوف الحافلة أو بالنّزول منها إلى إحدى ضفّتي الوادي .أغلب الرّكّاب التزموا أماكنهم لعدم رغبتهم في نزع أحذيتهم الجديدة وجمع أطراف سراويلهم وعبور البركة المائية الّتي قد تعني بالنّسبة إليهم لزوم ما لا يلزم . الآخرون لم يجدوا غضاضة في نزع أحذيتهم ورفع أعقاب سراولهم إلى مبتدأ الفخدين والنّزول من الحافلة الّتي أوشكت المياه أن تلامس أدراج أبوابها . فضّلوا الإنزواء تحت أشجار النّخيل في الضّفّة الشّرقية للوادي وانتظار ما وعدهم به السّائق ومساعده وهو ما تبيّن بعد نزول هذا الأخير والتّوجّه إلى المركز والعودة بآلة " التّراكس ّ من مندوبية التّجهيز والإنعاش الوطني .. القدر حسم أوراقه الأخيرة وأصدر حكمه النّهائي : ماكاد مساعد السّائق يخطو بضع خطوات في اتّجاه المركز وماكاد يبتعد عن الحافلة المحجوزة وسط البركة المائية وسط الوادي حتّى سمع هديرا مزلزلا كأنّه هبوب رياح عاصفة أو زلزالا بقوّة سبعة على مقياس ريختر يصمّ الآذان . مساعد السّائق والركّاب الّذين ينتظرون على ضفّة الوادي لم يكونوا يتصوّرون هكذا مشهد : في غبش الفجر وفي لحظة خاطفة كان السّيل العرم الآتي من الجبال البعيدة الشّمالية يكتسح ضفاف الوادي من أقصاها إلى أقصاها دون أن يسمع هديره كالمعتاد من بعيد ؛ الماء الدّافق يعلو وأمواجه الّتي لم تكن معالمها واضحة جدّا تطوّق الحافلة على حين غرّة . الّذين ينتظرون في الضّفة الشّرقية طاردتهم ألسنة المياه الغديرية الزّاحفة ففسحوا لها المجال وقلوبهم تكاد تخرج من أقفاصها رعبا وهم يرون الحافلة المسكينة وما عليها من سائق وركّاب تحملها الأمواج عاليا وتدحرجها بعيدا ، هم سمعوا صخب الرّكّاب المساكين المحجوزين في الحافلة ، سمعوا صراخهم ، سمعوا أنينهم وأخيرا سمعوا تشهّدهم لمّا يئسوا ورأوا أن كأس الموت لا بدّ وأنّهم متجرّعوها لا محالة مرّة مرارة الدّفلى . كان أصدقاء الشّهداء والّذين نجوا لسبب أو لآخر يروون بالتّفصيل مشهدا كأنّه فيلم أو كأنّه مشهد من مشاهد تسونامي جنوب شرق آسيا  أو مشهد من مشاهد تسونامي اليابان الأخير . بعد لحظة كان هدير المياه الغديرية هو سيّد الموقف ؛ انقشع الظّلام ومرّت لحظات ترقّب عسيرة على أصحاب وذوي غرقى الوادي الغادر وكذلك على السّلطات المحلّية ورجال الدّرك والإسعاف المحلّي التّابع للمستشفى المركزي هؤلاء كلّهم وقفوا عاجزين على اتّخاذ أيّ خطوة إلى الأمام  ، ثمّ هاهي الشّمس تبزغ ولا أثر للحافلة المنكوبة لا أثر لجثت ركّابها .على مدار اللّيلة الّتي سبقت الكارثة الأولى من نوعها في بلدة طاطا والتي لم يشهد السّكّان مثيلا لها ، كنّا نحن الأطفال مرتاحين لغد سيكون بلا شكّ ماطرا وبلا شكّ سيحمل الوادي ويفيض وسيسقط عنّا ضرورة وواجب الذّهاب باكرا إلى المدرسة والّتي تبعد عن دوار أكادير الهناء بنحو كيلو مترين . كنت في القسم الخامس أدرس بمدارس النّخيل المجموعة المدرسية الوحيدة آنذاك بالمركز والوحيدة الّتي تستقبل تلاميذ المستوى الخامس من محلّيين وأبناء الدّواوير المجاورة كتيغرمت وأكجكال وأيت ياسين وإينضفيان . كنت من الّذين لا يسعفهم وضعهم الإجتماعي البائس من امتلاك درّاجة هوائية ممّا نضطرّ مع هذه الحالة إلى الإستيقاظ قبل موعد الدّرس بساعة على الأقلّ . كانت الحصّة الصّباحية مخصّصة لمادّة العربية وأخواتها وتبتدىء من السّاعة الثّامنة ونصف إلى غاية الحادي عشر ونصف أعود بعدها راجلا إلى منزل أمّي أو في أحيان كثيرة إلى منزل أبي لأتناول وجبة الغذاء لأعود بعدها إلى المدرسة لأستكمل الحصّة المتبقّية والمخصّصة للغة الفرنسية والّتي تبتدىء في السّاعة الثّانية بعد الظّهر وتنتهي في الخامسة مساء . الرّعد الّذي يهدر طوال اللّيل نذير فأل على عطلة سنرتاح فيها غصبا . في الصّباح لم أكن على عجلة من أمري حين تناولت فطوري في منزل امّي وكان لديّ اعتقاد جازم من أنّ الوادي سيفيض كالمعتاد . كان منزل أمّي فوق الهضبة أعلى المنازل الموجودة في محيطها وكان بإمكاني رؤية منبسط الدّوار ويسمّى بووفزى وكان بإمكاني من خلال نافذة في حجرة علويّة للمنزل التّأكّد من أنّ الوادي فائض . حيث لا يبتعد مساره عن الدّوار بأكثر من نصف الكيلو متر ، وكان بإمكاني سماع هدير أمواجه المزعجة دون الحاجة إلى التّأكّد بالنّظر المجرّد . من خلال النّافذة تأمّلت ولم أكن استسغت أن أرى أفواجا من السّكان بما فيهم الأطفال والنّساء والشّيوخ يتسلّلون من منازلهم قاصدين ضفة الوادي المحادية لمجموعة مدارس أكادير الهناء الإبتدائية ببوفزى . تفاجأت ، لكنّي هرعت بدوري أطرق باب الجيران لأنتظر صديقي " محمد أمرتني " والّذي لا يمكن أن أتحرّك خارجا دون مرافقته ، إذ هو صديقي وظلّي الدّائم . خارجين نسترق السّمع من حشود هائلة تتجمّع على طول ضفّة الوادي : إمرأة تصيح ياويلاه على الثّكالى ، كان الّله في عونك يامن فقدت فلانا وفلانا .. لحظة ويحضر مقدّم الدّوّار وهو رجل من أعمامي خمسينيّ العمر بالرّغم من أنّه نحيف البنية لكنّه كان شديدا وقويّ اللّهجة ومرعبا عندما أصدر أمره للنّساء بالإبتعاد من على ضفة الوادي . قال إنّ حافلة أغرقها الوادي هذا الصّباح ونجهل إلى حدّ الآن عدد ركّابها الضّحايا والّذين نجوا . شابّ عشرينيّ يحدّث المقدّم عن أنّ مكان سقوط الحافلة وغرقها تمّ تحديده تقريبا من طرف بعض شهود الحادث في نقطة شمالا وبالضّبط أسفل الطّريق المخترقة للوادي . بنمغار محمّد هكذا يسمّيه البعض والبعض الآخر يدعوه بلقبه أويدير محمّد . بمحاذاة الوادي الغربية سرنا نتحاشى ألسنة مياه الغدير ، نسير ونتعثّر حينا على الصّخور وراء المقدّم الّذي لم ينقطع كلامه مؤنّبا ، محذّرا وسابّا وشاتما هذا الوادي الغادر ،  أحيانا أخرى يسبّ الحافلة وشركة ساطاس يوم اختارت أن تمرّ بهذه الطّريق الدّائريّة عكس ماكانت تقوم به قبل سنتين حين تنطلق من المركز في اتّجاه الجنوب مباشرة . انتهينا إلى نقطة احتشد فيها جمع كثير من النّاس . وفي الجهة المقابلة والّتي يفصلهما الوادي الفائض غديرا إلى نقط في ضفّتيه قال بعض الّذين حضروا أنّه لم يكن قد بلغها السّيل من قبل ؛ في الضّفّة الأخرى حشد آخر من سكّان دوار تيغرمت وآخرون من المركز سمعوا بالحادث وبين الجمع حشد من المخزن بما فيه القوّات المساعدة والدّرك وسيارة اسعاف . كانوا يشيرون على المقدّم حين لا يستطيع أن يتواصل معهم بالكلام . البعض يحدّد مكان غرق الحافلة من الحشدين المتقابلين دون أن يكونوا متيقّنين من ذلك . وحدهنّ النّساء من تأثّرن وصدمن بالكارثة بالرّغم من أنّ  أيّا من ضحايا الحافلة المنكوبة ليس من دوار أكادير الهناء لسبب بسيط ، أنّ الّذين ينوون السّفر عبرها كان عليهم أن ينتظروها حتّى تقطع الوادي وهذا مالم يحدث .. فجأة شابّ يصيح وهو يقترب منّا رويدا آ تيا من جهة الجنوب على الضّفّة الغربية : لقد وجدنا واحدا هناك ويشير إلى نقطة على بعد مئات من الأمتار منّا وهي النّقطة الّتي أتينا منها قبل قليل مرافقين للمقدّم. هرول الأخير وتبعناه من الخلف إلى أن وصلنا إلى مكان على جانب الوادي نبتت به صخور عديدة وبعض الشّبّان يحاولون نزع جسد الضّحيّة المحشوّ بين حصى ورمل كان قد انحسرت عنه المياه شابّ أسمر بكامل لباسه الغارق في الوحل . حاول الحضور التّعرف على هويّته من خلال تقاسيم وجهه الّذي شوّهته جروح وكدمات بليغة لكن تعذّر ذلك فأمر المقدّم بتفتيش جيوبه للعثور على بطاقة تعريفه أوورقة تشير إلى ذلك لكن لا أثر يدلّ على هويّة الضّحيّة . في جلابية أحد المتطوّعين لفّت الجثّـة بعد أن أمرنا المقدّم بألاّ تنزع عنه لباسه وحملت على الأكتاف متّجهين شمالا إلى النّقطة الّتي يشكّ الجميع أنّ الحافلة ترقد في أعماقها . الضّوضاء تعمّ ضفّتي الوادي والنّاس في تقّب وانتظار انحسار كاف للمياه حتّى يتحدّد موقع الحافلة النّهائي . عندما اجتمع حشد من الحضور لإلقاء نظرة على الجثّة الّتي أحضرناها قبل دقائق سمعنا صراخا مدويّا من الضّفّة الأخرى : دركيّ يصرخ بأعلى صوته ويحذّر من مغبّة تغيير أو المسّ بالمظهر الخارجي للجثّة . ردّ عليه أحد الحاضرين مستهزئا : ما تستطيعون فعله أيّتها الحيوانات النّاعمة هي القبض بقوّة على المشتبه بهم النّاعمين أمثالنا  ، أمّا وهاهو المجرم الحقيقي الوادّي الغدّار بين أيديكم وقد عدمتم حيلة هيّا اقبضوا عليه إن كنتم فاعلون  ؟؟ كان فيضان الوادي وخرير المياه وهديرها حاجزا بين بعض الحاضرين ومجموعة من الجادارميّا في الضّفّة الأخرى وكان مناسبة لتفجير بعض المكبوتات الحقوقية إلى درجة السّباب وكيل الشّتائم . صرخ المقدّم في وجه أحدهم فأخرس الجميع في الحال في الحال .. بعد ترقّب دام ساعتين أو أكثر وفي النّقطة المائية وسط الوادي الّتي راهن الكثير من الحضور على أنّ الحافلة غرقت فيها . بالنّقطة بالذّات بدأ شيء على شكل ما بلون أسود تتبيّن ملامحه رويدا رويدا إلى أن انحسرت المياه عن عجلتين لا صقتين ثمّ بعدها بقليل الإطارين الآخرين اللّذين يشكّلان الإطارات الأربعة الخلفية للحافلة المنكوبة . كان الكلّ متوثّبا للبحث عن الضّحايا ولو عن طريق السّباحة في تيار جارف لكنّ المقدّم حذّر الجميع من أن يتلاعبوا مع الوادي الّذي لا يعرف اللّعب  . بينما الدّرك والمخازنيا في الجهة الأخرى يمنعون المتجمهرين من الإقتراب من الوادي إلى أن مالت الشّمس إلى أتون الظّهيرة فانحسر الغدير بشكل كبير وجزر السّيل وانكشف عمق الوادي  . كنت وبعض الشّبان من الذين غامروا سباحة بالرّغم من تحذيرات أعوان السّلطة حتّى أدركنا الحافلة الّتي انقلبت رأسا على عقب وأصبح عاليها سافلها . كان الماء قد انحسر على جزء كبير منها تاركا الوحل والطّين يغطّي الجزء المنكشف . وقد تعذّر الدّخول إلى الحافلة عبر نوافذها الزجاجية الّتي مازالت سليمة وماء الغدير العكر الّذي لا يكشف الأشياء عن قرب , تعدّدت المحاولات من طرف المبادرين الشّجعان إلى درجة أنّ أحد الشّبّان تمكّن من النّفاد إلى داخل الحافلة بعد غطس دام زهاء دقيقة ظننّاه شهيدا جديدا سينضاف إلى قائمة الصّباح الطّويلة فجأة انكشف الماء عنه : وصاح بعد زفير وشهيق : داخل الحافلة جثّة ، لكن استعصى عليّ إخراجها . انتظر الجميع ساعة أخرى حتّى انحسر الماء كثيرا عن الحافلة وتمّ الدّخول بواسطة أكثر من شخصين حتّى سحبت الجثّة وكانت هذه المرّة لشابّ من دوار تيغرمت من التّلاميذ الّذين غادروا بيوتهم صباحا متوجّهين إلى تارودانت ، تمّ التّعرف عليه دون البحث في جيوب ملابسه عن بطاقة تعريفه . جثّتان فقط تمّ العثور عليهما في محيط الحافلة المنكوبة . وقد استمرّ البحث لأسبوع آخر بعد الحادث على طول كيلومترات في جنبات وأعماق الوادي حتّى تمّ العثور على كلّ الضّحايا حملتهم أمواج الغدير بعيدا وتمّ إغلاق الملفّ بتسع ضحايا في التّاسع من الشّهر التّاسع لسنة تسع وسبعين تسع مائة وألف ...

السبت، 31 أغسطس 2019

لي رئةٌ من صدأ الهزائم


يكون عصيّا عليّ الولوجُ
إلى ظُللٍ من غموض البداية ِ
حين تروّضني جمراتُ الحنين ِ،
وشوق ٍتجَمهَرَ في صدغ أقبية ٍ
تتآكلُ من صدإ الإنتظار ِ،
أُعرّي وجوه المرايا
وأسحق تحت إبطيَّ جميع المكابحِ،
فرداً :
أُساقُ بأقصر سرعة دفئي
إلى منتدىً تتوزّعُ فيه الأصابعُ
شبه توائمَ
وكلّ الحجيج أمامي عراةٌ ،
وكلّ التّـُقاةِ أمامي عُصاةٌ ،
ولن تتجرّأ عيني
بكبح الحقيقةِ
حين يكونُ منَ الصّعب ِأن تتعامد
في عُزلة ٍوشقاق ٍمع الشّمس ِ،
ذاك إذا ً منتهىً تتورّم ُفيه أصابع ُروحي ،
فأعْبُرُ في غفلةِ ِالواهمين َلصُبح ٍسيأتي
ببدر ٍوشمس ٍ،
وقيءُ المعادن ِ
يُزهرُ
ما لم أُكلّلْ شُموخَ الضّمير بنيشن صَحْوٍ
تُعزّزُهُ وقفة ٌ
يتشدّق ُأخمَصُها بتفان ِالعظام مَع اللّحْم فوراً ِ
وسُمْكِ العُرى
بين هذا الّذي خاض في جبهتين
حُرُوباً
فأدركه ُالشّعرُ ،
حين تغارُ القصائد ُ
من جسدٍ
كرّسَ العُمرَ في نَظـْمِ قافية ٍ
غازلتها المراثي على دُفعتين ِ،
وقد حرّضته البدايات ُكيْْ يتقوقعَ ،
يصرخ َ،
يعْوي ،
يبجّلَ ريحاً ستعْصف ُحتما ً
- وقدْ عصفت ْ-
برُخام ِالبقايا
وأعمدة ٍشيّدتها المرايا
شموخا ًعلى خزف الحتميّات ِ
تُهشّمُ مُنسفة ًصخباً يتعرّى
ويسكن روضة بُؤْس ِ الهوامش ِ
يبقي على ثعلب ٍورصاص ٍوسوط ٍ،
يخلّد سلطته ُالأبديّة َ،
يبطشُ في شغف ٍلدماء الظّلال ِ
ويمعن ُفي شغب ٍ
تتناقله ُالعابراتُ لبهْوِ المحيط ِ
وتعلنهُ القنواتُ الرّقيبة ُ
بدءا ًبفصل ٍجديد ٍ
يؤسّس حتما ً لشخصنة ٍمستدامه ْ .... !!!



الجمعة، 30 أغسطس 2019

الأدب المارق


هل يجب ان يحترم الادب المارق ..؟ 

ـ ليس فقط احترامه. بل أكثر من ذلك يجب أن ينشر .. اذا بدأنا بتقييم الادب على أساس الأخلاق والاخلاقيات فإن الادب لن يدمر فقط .. بل سيختفي ..اذا تدخلت الرقابة في شؤون الادب فلن يكون له معنى ..الادب يعبر عن الواقع .. الذي تسعى السلطة لإخفائه ..لاسباب مختلفة ..لا شيء يحفز الروح النقدية في المجتمع مثل الادب الجيد علاوة على الجمالية التي تعنيها المتعة الادبية .. يجب إدراك حقيقة أن الادب والإخلاق على طرفي نقيض ...عدوان .. لذلك يتوجب عليك احترام الأدب اذا كنت تؤمن بالحرية ..

ــ ماريو فرغاس يوصا .. روائي .. بيروڤي


اقد يعجبك أيضاً :

Related Posts Plugin for WordPress, Blogger...